كتاب "بريف ورغيف" للكاتبة خنساء أبو ناجي هو سيرة إنسانية ومهنية مكتوبة بنَفَس تأملي وعملي في آنٍ معًا؛ نصّ يتقاطع فيه العمل اليومي مع التجربة الشخصية، ويحوّل تفاصيل الحياة والمكتب والمطبخ إلى حكاية عن الشغف والاجتهاد والبحث عن المعنى.
الكاتبة تفتتح كتابها باعتراف بسيط وعميق: لم تكتبه لتسرد بطولة أو نجاحًا لامعًا، بل لتوثّق الأخطاء التي صاغت وعيها أكثر من الانتصارات. عبر فصول تجمع بين الحميمي والمهني، تقود القارئ من مقاعد المدرسة التي وُلدت فيها المصممة بداخلها، إلى المختبرات الجامعية، ثم إلى عالم الإعلان والإبداع، حيث تتحول كل تجربة إلى درسٍ في الشجاعة، والقيادة، والتعلّم من الهشاشة.
العنوان نفسه «بريف ورغيف» يلخّص فلسفة الكتاب: توازنٌ بين "البريف" الذي يُشبع الطموح والخبز الذي يُشبع الجسد — بين دفء الحياة اليومية وإيقاع العمل السريع. من خلال حكاياتها الصغيرة مع فريقها في شركة "مشبك"، تكتب الموسى عن القيادة بصدقٍ إنساني نادر، وعن التواصل والعمل الجماعي كقيمة لا كمهارة. في خلفية النص، يتردد صدى أمها التي علمتها أن الإتقان لا يُقال بل يُفعل، وأن الطبخ ليس طعامًا يُؤكل بل حبّ يُقدَّم.
أسلوب خنساء الموسى يجمع بين صفاء التجربة وبلاغة البساطة. لغتها شفافة وعميقة، تسرد المشهد المهني كأنه رواية، وتحوّل الخطأ إلى فصلٍ من الحكمة. الكتاب يذكّر القارئ بأن طريق النجاح ليس مستقيمًا، وأن الفشل يمكن أن يكون أكثر المعلمين إخلاصًا.
في النهاية، «بريف ورغيف» ليس فقط سيرة مهنية، بل دعوة لأن نحيا بوعيٍ وشغف، وأن نمنح عملنا وجبات من القلب لا من العادة. فهل يمكن للنجاح أن يُقاس بالجوائز وحدها؟
أم أنه، كما توحي الكاتبة، يُخبز مثل الرغيف: على نارٍ هادئة من التجربة والإصرار؟